اختيار الزوج:
قال (صلى الله عليه وسلم) عن اختيار الزوج " اذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه .." (رواه الترمذى)
قال (صلى الله عليه وسلم) "من زوج كريمته من فاسق فقد قطع رحمها " (رواه ابن حبان)
فعلى ولى الفتاة ان يزوجها إلى من كان ذا دين وخلق حسن فإنه إن عاشرها عاشرها بالمعروف، وإن فارقها فارقها بإحسان.
وللأسف الشديد فإن كثيراً من الاباء الآن لا يختارون لبناتهم الا من كان ذا حسب ونسب ويمتلك من الاموال كذا وكذا ولديه شقة فى المكان الفلانى وسيجعل ابنته فى مستوى مادى لا يقل عن المستوى الذى كانت تعيش فيه .. إلخ من الشروط .. متغافلين عن الشرط الاول لاختيار الزوج وهو الدين والخلق كما قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
اختيار الزوجة:
إن الزوجة هى الركن الاساسى فى الأسرة وبصلاحها يصلح الاولاد وبفسادها أيضا يفسد الأولاد..
ومن اجل هذا عنى الإسلام اشد العناية باختيار الزوجة المسلمة التى تحسن معاملة زوجها وتربية أولادها ...
وفى احيان كثيرة فان الناس تتطلع إلى الجمال الفتان أو الجاه او الثراء او النسب . غير ملاحظين ان هناك ما هو أولى من ذلك وهو كمال النفوس وحسن التربية ..
وعن مواصفات الزوجة المسلمة قال (صلى الله عليه وسلم) " تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها .. فاظفر بذات الدين تربت يداك " (متفق عليه)
اى التصقت يداك بالأرض دلالة على الفقر إن لم تفز بذات الدين .
ويضع النبى (صلى الله عليه وسلم) تحديدا للمرأة الصالحة التى يرضى عنها الله ورسوله فيقول : "خير النساء من إذا نظرت إليها سرتك وإذا امرتها اطاعتك وإذا اقسمت عليها أبرتك ، وإذا غبت عنها حفظتك فى نفسها ومالك" ( رواه النسائى وغيره بإسناد صحيح ).
فالواجب أن يكون الدين أولا متوفرا .. فهو الذى يهدى الانسان إلى ما فيه الخير.
والهدف من هذا كله هو تكوين أسرة مسلمة متوافقة تنجب أبناء صالحين نافعين لمجتمعهم.
والتقاء شخصين ليكونوا اسرة ليس مجرد شهوة او نزوة أو عادة .. وإنما هى أية من آيات الله – سبحانه وتعالى – لتكوين بناء يعمل على سعادة كل من الزوج والزوجة ، ثم إيجاد الذرية الطيبة بعد ذلك والنبى (صلى الله عليه وسلم) عندما اختار الدين والاخلاق ليكونا معيار الاختيار للزوج ، فذلك بسبب أن العوامل الاخرى سواء المال أو الجمال أو الحسب .. إلخ لا دخل للإنسان فيها، ولكن الدين والاخلاق مسألة يسأل عنها كل إنسان ويحاسب عليها.
ولأن الدين هو الامر الذى يستطيع الزوج ان يصلح به من سلوك زوجته .. وتستطيع الزوجة كذلك ان تصلح به من سلوك زوجها فالمرأة ذات الدين اذا قال لها زوجها اتقى الله .. استجابت لأمر الله – عز وجل ..
والرجل المتدين اذا قيل له : اتق الله .. يرجع وينفذ أمر الله سبحانه .
والاسرم لم يسقط من حساباته أن يختار الرجل المرأة الجملية .. فقد عد النبى (صلى الله عليه وسلم) الجمال من دواعى اختيار الزوجة كما بينا ..
وقد خطب المغيرة بن شعبة امرأة فاخبر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال له : "اذهب فانتظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما" ( رواه الترمزى والنسائى) أى ان تدوم بينكما العشرة والمودة..
وحينما خط رجل أمراه من الانصار قال له النبى (صلى الله عليه وسلم) " أنظر إليها فإن فى اعين الانصار شيئا" ( رواه مسلم )
كذلك من المشهور فى ذلك حديث جابر بن عبد الله .
فعن جابر بن عبد الله (رضى الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : " إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع ان ينظر منها إلى ما يدعو إلى نكاحا فليفعل " ( رواه ابو داود والحاكم )..
قال جابر : فخطبت امرأة من بنى سلمة فكنت اختبئ لها حتى رأيت منها بعض ما دعانى إليها ( رواه أو داود).
وفى يوم جاءت امرأة إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) تعرض نفسها على النبى (r) ليتزوجها، فصعد النبى (صلى الله عليه وسلم) النظر فيها ، ثم طأطأ رأسه / فقال احد الصحابة : زوجنى اياها يا رسول الله ، فزوجها له رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
والشاهد هو ان الرسول (صلى الله عليه وسلم) صعد فيها النظر لينظر إلى جمالها ثم طأطأ رأسه : لأنها لم تعجبه .. ولكنها أعجبت أحد الصحابة فزوجه النبى (صلى الله عليه وسلم) إياها .
ويجب ان ننتبه إلى ان مسألة التقارب فى المستوى الاجتماعى والمادى وفى السن غاية فى الأهمية ...
فقد خطب أبو بكر وعمر ( رضى الله عنهما ) فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال : إنها صغيرة .. فلما خطبها على بن ابى طالب زوجها إياه.
ممن أزوج ابنتى ؟
قال رجل للحسن بن على ( رضى الله عنهما ) : قد تقدم لخطبة ابنتى جماعة .. فممن ازوجها ؟ فقال زوجها للتقى ؛ لانه اذا احبها اكرمها .. واذا كرهها لم يظلمها.
وقضية الاختيار فى منتهة الاهمية : لان كا ما بعدها مترتب عليها .. فاذا تزوج شاب من فتاة ، ثم اكتشف أنه اساء الاختيار ، ولكن ذلك بعد الزواج وإنجاب الاولاد .. فمن الصعب ان لم يكن من المستحيل ان ينهى هذه العلاقة الزوجية ..
وبالمثل إن تزوجة فتاة من شاب .. واكتشفت بعد ذلك سوء خلقه فلن تستطيع ان تنفصل عنه .. وإن انفصلت فإن عاقبة ذلك ستكون وخيمة عليها وعلى اولادها إن كان لها أولاد...
الكفاءة
يسيئ فهمها كثير من الناس ويترتب على سوء الفهم هذا الكثير من المساكل .. وهى قضية الكفاءة .
ماذا نعنى بالكفاءة ؟
هلى هى كفاءة المال أو الجمال او الحسب والنسب ؟
للأسف كثير من الناس الان اصبح معيار قبول الشاب للزواج أو رفضه عنده هو كم معه من الاموال وهل يمتلك شقه أم لا واين توج شقته .. هلى هى فى حى راق أم لا .. او هذا الشاب ابن من ومن عائلة من ..
فى حين أن النظر إلى اخلاقه وتدينه يحتل مرتبة متأخرة ورمبا لا ينظر إليه .. مع ان المال والجمال والوضع الاجتماعى كل هذه أمور يمكن أن تتغير بين ساعة وأخرى .
واعتقد ان المعيار الاول للقبول هو الدين والاخلاق وان المعيار الثانى للقبول هو المستوى الاجتماعى .
وان المعيار الثالث للقبول هو المستوى المادى .
وقد رفع النبى (صلى الله عليه وسلم) من مكانة المرأة وأمر (صلى الله عليه وسلم) بحسن معاشرتها فقال : استوصوا بالنساء خير .." ( متفق عليه ).
وقد اعتبر النبى (صلى الله عليه وسلم) ان افضل الرجال هو من يحسن معاملة زوجته فقال " أكمل المؤمنين إيمانا احسنهم أخلاقا ، وخياركم خياركم لنسائهم" ( رواه الترمذى وقال حديث حسن صحيح )
وكما قيل :" ما اكرم النساء الا كريم ولا أهانهن الا لئيم" .
من هذه الاحاديث وغيرها يتضح اهمية الدين والاخلاق فى الحكم على الناس وانها المعيار الاول فى الحكم.
لأنه لن يعرف قدر المرأة وقيمتها مثل المسلم الذى يتعبد لله – عز وجل – بهذه النصوص التى تعلى من مكانة المرأة..
والانسان اذا كان خلق ودين فان ذلك ولا شك سيظهر فى علاقته بأقرب الناس إليه وهى زوجته والعكس ايضا صحيح.
والسيدة زينب بنت جحش 0 رضى الله عنها ) عندما طلبت الطلاق من سيدنا زيد بن حارثة (رضى الله عنه ) كان ذلك لعدم الكفاءة بينهما.
وقد يقول قائل : انتم تقولون ان معيار الكفاءة هو الدين .. فلم طلبت السيدة زينب الطلاق من سيدنا زيد وهو صحابى جليل .. وبالفعل طلقها النبى (صلى الله عليه وسلم) ؟!
نقول : نحن قلنا ان معيار الكفاءة الاول هو الدين ولم نقل ان معيار الكفاءة الاوحد هو الدين بمعنى أننا نريد فى الاختيار ان يكون الاساس الاول فيه هو دين الانسان وخلقه ، ثم نختار بعد الدين ما نشاء من مال أو جمال أو حسب أو نسب .. ولكن بشرط أن يكون الاساس الاول للاختيار والمعيار الأول للكفاءة وهو الدين موجوداً.
مثال أخر من حياة النبى (صلى الله عليه وسلم)على عدم التوافق هو الزبير بن العوام وأسماء بنت ابى بكر .. فلم يطعن احد فى دين وخلق كللا منهما او فى حسبه او نسبه، ولكن الطباع كانت مختلفة والشخصيات غير متوافقة . مما ادى فى النهاية إلى الطلاق .
إن الزواج مسألة تجانس وتوافق حسى ونفسى وجسدى ولذلك يجب على الاباؤ ان يختاروا لبناتهم من يتوافق معهن سواء من الناحية الخلقية او المستوى الاجتماعى وكذلك المستوى المادى.
هل ستراعى ايها الشاب عند اختيارك لنفسك وانت ايها الاب عند اختيارك لابنتك امر الكفاءة مع اعتبار ان الاساس الاول للكفاءة هو الدين ثم بعد ذلك الوضع الاجتماعى والمادى .
الختام
وفى الخاتمة نقول : يجب على كل شاب يريد أن يبدأ حياته بطاعة الله – عز وجل – ان يكون الاساس فى اختياره لزوجته هو الدين..
كذلك يجب على الاباء وأولياء الامور ان يكون دين الشاب واخلاقه هما المعيار الاول لقبوله زوجا لبناتهم لتسعد حياتنا وننعم بأسر ترضى الله – عز وجل – وتكون سببا لدخول الجنة ، وإنجاب الجيل الذى يحرر الاقصى الشريف ويعيد للمسلمين أمجادهم